قناعة القناعة !!!

 

الحمد الله الذي أنزل الهدى ، وخص الإنسان بالبيان الحكيم ، وخلق له العقل لتدبر الآمور ، و الصلاة و السلام على أكرم المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم.

أما بعد ،،،

قال الله تعالى في كتابه الكريم ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ [طه:27-28]

اللهم قنّعني بما رزقتني وبارِك لي فيه ، قالوا سابقاً ” القناعة كنز لا يفنى ” و نلاحظ في بيان الآية الكريمة قناعة كليم الله موسى عليه وسلم ؛ حيث أنه لم يطلب من الله تعالى سوى حل – عقدة- واحدة من لسانه وهدفه أن يفقهوا بها قوله ؛ وذلك لقناعته التامة بأن الله خلق اللسان للإفصاح بما يرضى الله و للتبليغ بما هو مفيد ولو طلب من الله أن يصلح له لسانه بأكمله لكان الله قد فعل ذلك ،لا يعجز الله عن فعل شي.

معظمنا نفتقد ثقافة القناعة ومفهوم القناعة هنا : هو الرضا بما قسمه الله لنا من عيش و رزق و الاكتفاء بذلك قليلاً كان أم كثيرا ، الإيمان التام بأن هذا الرزق مكتوبا لنا سواءً حرثنا الأرض أو بلغنا سطح الشمس لن يزيد بمقدار ذرة عن قسمنا الذي كتبه الله لنا ، و ،واجب علينا شكره على الكبيرة و الصغيرة.

كنت جالساً مع أحد الأصدقاء في مطعم بنظام ” البوفيه ” المفتوح  وكان البوفيه مميز بأسلوب عرض الوجبات الشهية و المتنوعة الخاصة بأكلات دول مختلفة و شاهدنا تصرفات بعض الزبائن الملفتة للانتباه بملء الأطباق من معظم الأصناف الموجودة ، فقال لي صاحبي : ” شوف الي هب شايفين خير” فقلت له ومن قال لك بأن الذي لم يشاهد الخير يستطيع أن يدخل هذا المكان من الأساس ؟ فقال لي : ألم تر أسلوب تكديس المأكولات في الأطباق بشكل ملفت و أكاد أجزم بأنه لا يستطيع أن يأكل نصف الأطباق التي أمامه !!

فقلت له هنا : هذا مثال على عدم القناعة بالقناعة ؛ حيث أن الشخص لو كان مقتنع تماماً بأن ربع هذه الكمية كافٍ لملء معدته حتى الإشباع لما كان ملئ الأطباق بهذا النحو وعلى هذا الشكل الملفت!!

المعظم يطالب بالمزيد و يطالب بتكدس الامتيازات الممنوحة له و يستمر بالمطالبة ولن يشبع بدافع الغريزة و بدافع سيطرة ” الهو ” على ” الأنى الأعلى ” في العقل الباطن حتى تظهر مخايل الجشع و الطمع على وجنتيه!!

وهذا ما نلاحظه من بعض ” الأفراد ” في هذا الوقت و نلاحظ مطالباتهم بحقوق على حقوقهم الفائضة عن غيرهم و إصرارهم المستميت على المطالبة بالمزيد حتى بلغ الأمر بأن يناجزوا أصحاب الحق في حقوقهم و الإصرار على أخذ مستحقات الغير !!

محدودية التفكير وضيق النظر وعدم النظر للأمور من عدة زوايا يدفهم لمقاعدة وظيفة القناعة من الضمير أولاً و إلغاء خدماتها من العقل ، وعلى هذا يجب علينا أن نرضى بالقسمة  و نقتنع بما رزقنا الله في حياتنا فنحن لم نأت به من أرحام أمهاتنا و لن نحمل منه شيئاً في ألحادنا.

بقلمي المونت بلانك : سعيد

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.