الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على المبعوث للعالمين رحمةً بهم، سيد الأنبياء محمد بن عبد الله الرسول الأمين.
قال الله تعالى في كتابه الحكيم
{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83] قآل آلله تعآلى :- {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]
قال الله تعالى :- “خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ” الأعرف 199
الإسلام ليس عبارة عن مواعظ تلقى أو خطب تدبج أو آيات تتلى على الناس دون وعي و إدراك، بل هو دستوراً شاملاً يضمن تعبيد الطرق الوعرة و إنارتها من غياهب الظلمات، يرسم القواعد السليمة لضمان الوصول لخط النهاية، تجعل منك متسلقاً ماهراً لجبال الحياة التي دائماً نسقط من أول مسمار ندقه لنعلق الحبل به، و نتسائل دائماً أين الخطأ و أين العيب، ولماذا العنصرية في التعامل و لماذا الواسطة في الإنجاز، مالذي ينقصنا عن غيرنا من أدوات النجاح، لماذا هم محظوظون ونحن تعيسون؟
هل هذه الأسئلة و التوقعات موضوعية؟ بالطبع هي نابعة عن فكر شخصي غير محايد بل عنصري متعنت مع الذات، ولم نترك لنا فرصة للتمعن في آيات الله و سنة نبيه في كيفية التعامل السليم و حسن الخلق النبيل و امتلاك الأدوات الفعالة و الحبال المتينة و المسامير الغليظة لتسلق الجبال الشامخة و اجتياز الطرق الوعرة في الحياة.
اذا استطعنا تجنب اربعة سلوكيات سنكون في أوج أخلاقنا و نجاحنا سواء في العمل أو في المجتمع و حتى في المنزل.
قالوا سابقاً ” الأقارب عقارب” و نحن نرى إذا أردت كسب أقاربك انتهج هذا النهج “عامل القريب مثل الغريب“وسترى حجمك الطبيعي الذي لطلما تفقده أمام أقاربك و تتمتع به أمام الآخرين، الحجم الذي ترسمه لنفسك دائماً فيأتيك أحد أقربائكم حاملاً جميع أدوات النحت، ليتفنن في انقاص هذا الحجم ورسمه بالصورة التي يراها…!!!
السلوكيات التي يجب علينا تجنبها أو بوصف أدق حظرها من حياتنا هي
- تجنب المجادلة في النقاش
- تجنب الانفعال في الحديث
- تجنب الشخصنة في التحليل و أبداء الرأي
- معرفة حجمك الحقيقي أينما حللت
جميع هـذه الصفات تعد صفات سيئة جداً و على طول الخط دون شرطاً أو قيد، وجميعها تحط من شخصيتنا أمام من هم حولنا، و هـذه الصفات هي الفيروسات التي ترتع في شخصياتنا غير ملموسة بالنسبة لنا و محسوسة بصورة خشتة أمام الآخرين، هذه الصفات تجرف مستقبلنا إلى شعاب الجبال مثل سيل العرم، ونحن في غفلةً من أمرنا، اذا استطعنا أن ندرب أنفسها على دثر هذه السلوكيات من حياتنا، سنستطيع الوصول إلى قمم الجبال دون أن نخشها، و لن نظل بين الحفر أبد الدهرِ!!
لا تجادل كي لا تصبح سفيه، و أنت لست ملزماً بإقناع الآخرين، فالرسول صلوات الله عليه وسلامه، كان يدعو المشركين لسلوك طريق الحق فقط، و كانت الهداية على الله عز وجل، وتناوباً لا تنفعل، لا تنفعل، لا تنفعل، فإن الإنفعال يولد الخطأ و الخطأ يولد الغلط، و الغلط يمكن خصمك منك و يهضم حقك مهما بلغ من قيمة، و أيضاً لا تنظر لجوانب الموضوع بعين الشخصنة، فهذا يعطي انطباع سيئ أمام من حولك و يكشف طبيعة فكرك الضيق فإذا كنت تملك شجرة تفاح و أصاب ثمارها الضرر، لا تسع لمعالجة الثمر، بل فكر بعمق في كيفية معالجة الجذور من الأسفل، و أنظر لفكر من هم حولك ولا تنظر لشخصيتهم، سواء كانت ممدوحة أو مذمومة، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يدعو المشركين، كان لا ينظر لصفاتهم السيئة ولا ينظر لغلاظة قلوبهم و نفوسهم الوجلة في حب الشهوات و الملذات و السلطة ولا ينظر لنجاسة سلوكهم و فكرهم، بل ينظر لموضوع الدعوى و الغاية من تحقيقها، و بالتناوب يجب عليك أن تحجم نفسك أينما حللت و جلست، فإن حجمك و أنت في وسط أسرتك يختلف تماماً عن حجمك في مجالس الأعيان و أصحاب السلطة، و حجمك و أنت في وسط زملائك و أقربائك يختلف تماماً عن حجمك و أنت في وسط زملاء العمل و القائمين على المسؤولية، وحجمك و أنت معلم يختلف تماماً عن حجمك و أنت طالب، فلا يجوز لك أن تخطأ الآخرين و أنت تتوسطم بصفتك متلقي للعلم منهم، وليس من حقك أن صحح أخطاء الآخرين دون أن يطلب منك ذلك، وليس من حقك أن تنصح الآخرين دون امتلاك جميع الأدوات و موقومات النصح، إذاً حجّم نفسك أينما حللت.
نرى أن أسباب النجاح هم سببان : الأول يتمثل في هبة من الله عز وجل يرزق بها من يشاء و كيفما يشأن دون مقومات و أدوات، وهـذا لا يحصل عليها إلا من اختاره الله، و الثانية تتمثل في علاقاتك العامة التي تجنيها بسبب أسلوبك المميز الذي يخلق لك فرصة النجاح و هـذة التي يفقدها معظمنا، و أسلوبك المميز عبارة عن نتاج فكري يخلو من السلوكيات التي تذكرناها هنا، لهذا السبب يجب علينا أن نميز أنفسنا من خلال أسلوبنا.
خلاصة القول:-
إذا استطعنا أن ندرب أنفسناً جيداً على عدم المجادلة و عدم الانفعال و عدم شخصنة الآراء و تحجيم أنفسنا أينما حللنا، سنكون في أوج نجاحنا و سنلحظ التغيير الكبير في حياتنا.
بقلمي المونت بلانك : سعيد الحميري